واعترض بأنهم ليسوا من المذكورين، وتعقب بأنهم أول المذكورين في هذه السورة من الأمم السالفة، ولعل المعترض أراد بالمذكورين المذكورين متناسقين أي بلا فصل بأمة لم تفد قصتها إهلاكها، وقوم نوح وإن ذكروا أولاً لكن فصل بينهم وبين نظائرهم من المهلكين بقصة صوم إبراهيم عليه السلام وهي لم تفد أنهم أهلكوا، وذكر النيسابوري أنه سبحانه قرر بقوله تعالى :﴿ فَكُلاًّ ﴾ الخ أمر المذنبين بإجمال آخر يفيد أنهم عذبوا بالعناصر الآربعة فجعل ما منه تركيبهم سبباً لعدمهم وما منه بقاؤهم سبباً لفنائهم، فالحاصب وهو حجارة محماة تقع على كل واحد منهم فتنفذ من الجانب الآخر إشارة إلى التعذيب بعنصر النار، والصيحة وهي تموج شديد في الهواء إشارة إلى التعذيب بعنصر الهواء، والخسف إشارة إلى التعذيب بعنصر التراب، والغرق إشارة إلى التعذيب بعنصر الماء اه ولا يخفى ما فيه ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ أي ما كان سبحانه مريداً لظلمهم وذلك بأن يعاقبهم من غير جرم لأنه خلاف ما تقتضيه الحكمة.
وفي أنوار التنزيل أي ما كان سبحانه ليعاملهم معاملة الظالم فيعاقبهم بغير جرم إذ ليس ذلك من سنته عز وجل، ويفيد أنه لو وقع منه تعالى تعذيبهم من غير جرم لا يكون ظلماً لأنه تعالى مالك الملك يتصرف به كما يشاء فله أن يثيب العاصي ويعذب المطيع، وهذا أمر مشهور بين الأشاعرة والكلام في تحقيقه يطلب من علم الكلام.


الصفحة التالية
Icon