وقيل : يلعبون بالنرد والشطرنج ويلبسون المصبغات، ولا مانع من أنهم كانوا يفعلون جميع هذه المنكرات.
قال الزجاج : وفي هذا إعلام أنه لا ينبغي أن يتعاشر الناس على المنكر وألا يجتمعوا على الهزؤ، والمناهي.
ولما أنكر لوط عليهم ما كانوا يفعلونه أجابوا بما حكى الله عنهم بقوله :﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ائتنا بِعَذَابِ الله إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ أي فما أجابوا بشيء إلاّ بهذا القول رجوعاً منهم إلى التكذيب واللجاج والعناد، وقد تقدّم الكلام على هذه الآية، وقد تقدّم في سورة النمل :﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُواْ ءَالَ لُوطٍ مّن قَرْيَتِكُمْ ﴾ [ النمل : ٥٦ ] وتقدّم في سورة الأعراف :﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مّن قَرْيَتِكُمْ ﴾ [ الأعراف : ٨٢ ] وقد جمع بين هذه الثلاثة المواضع بأن لوطاً كان ثابتاً على الإرشاد، ومكرّرًا للنهي لهم والوعيد عليهم، فقالوا له أوّلاً :﴿ ائتنا بعذاب الله ﴾ كما في هذه الآية، فلما كثر منه ذلك، ولم يسكت عنهم قالوا :﴿ أخرجوهم ﴾ كما في الأعراف والنمل.
وقيل : إنهم قالوا أوّلاً :﴿ أخرجوهم من قريتكم ﴾ ثم قالوا ثانياً :﴿ ائتنا بعذاب الله ﴾.
ثم إن لوطاً لما يئس منهم طلب النصرة عليهم من الله سبحانه فقال :﴿ رَبّ انصرني عَلَى القوم المفسدين ﴾ بإنزال عذابك عليهم، وإفسادهم هو بما سبق من إتيان الرجال وعمل المنكر في ناديهم، فاستجاب الله سبحانه وبعث لعذابهم ملائكته وأمرهم بتبشير إبراهيم قبل عذابهم، ولهذا قال :﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إبراهيم بالبشرى ﴾ أي بالبشارة بالولد وهو إسحاق، وبولد الولد وهو يعقوب ﴿ قَالُواْ إِنَّآ مُهْلِكُو أَهْلِ هذه القرية ﴾ أي قالوا لإبراهيم هذه المقالة.


الصفحة التالية
Icon