وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾
هذا قول المشركين لرسول الله ﷺ، ومعناه هلا أنزل عليه آية كآيات الأنبياء.
قيل : كما جاء صالح بالناقة، وموسى بالعصا، وعيسى بإحياء الموتى ؛ أي ﴿ قُلْ ﴾ لهم يا محمد :﴿ إِنَّمَا الآيات عِندَ الله ﴾ فهو يأتي بها كما يريد، إذا شاء أرسلها وليست عندي ﴿ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾.
وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي :﴿ آيَةٌ ﴾ بالتوحيد.
وجمع الباقون.
وهو اختيار أبي عبيد ؛ لقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيات عِندَ الله ﴾.
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ ﴾ هذا جواب لقولهم ﴿ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾ أي أولم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحدّيتهم بأن يأتوا بمثله، أو بسورة منه فعجزوا، ولو أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا : سحر ونحن لا نعرف السحر ؛ والكلام مقدور لهم، ومع ذلك عجزوا عن المعارضة.
وقيل : إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن عُيَيْنة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : أتى النبي ﷺ بكتف فيه كتاب فقال :" كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم " فأنزل الله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب ﴾ أخرجه أبو محمد الدارميّ في مسنده.
وذكره أهل التفسير في كتبهم.
وفي مثل هذا قال ﷺ لعمر رضي الله عنه :" لو كان موسى بن عمران حيّاً لما وسعه إلا اتباعي " وفي مثله قال ﷺ :" ليس منا من لم يَتغنَّ بالقرآن " أي يستغني به عن غيره.
وهذا تأويل البخاري رحمه الله في الآية.


الصفحة التالية
Icon