﴿ أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ ﴾ هذه الجملة مستأنفة للردّ على اقتراحهم وبيان بطلانه، أي أو لم يكف المشركين من الآيات التي اقترحوها هذا الكتاب المعجز الذي قد تحدّيتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه، فعجزوا، ولو أتيتهم بآيات موسى وآيات غيره من الأنبياء لما آمنوا، كما لم يؤمنوا بالقرآن الذي يتلى عليهم في كل زمان، ومكان ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ الإشارة إلى الكتاب الموصوف بما ذكر ﴿ لَرَحْمَةً ﴾ عظيمة في الدنيا، والآخرة ﴿ وذكرى ﴾ في الدنيا يتذكرون بها، وترشدهم إلى الحق ﴿ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي لقوم يصدّقون بما جئت به من عند الله، فإنهم هم الذين ينتفعون بذلك ﴿ قُلْ كفى بالله بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً ﴾ أي قل للمكذبين كفى الله شهيداً بما وقع بيني وبينكم ﴿ يَعْلَمُ مَا فِي السموات والأرض ﴾ لا تخفى عليه من ذلك خافية، ومن جملته ما صدر بينكم وبين رسوله ﴿ والذين ءَامَنُواْ بالباطل وَكَفَرُواْ بالله أولئك هُمُ الخاسرون ﴾ أي آمنوا بما يعبدونه من دون الله وكفروا بالحق وهو الله سبحانه، أولئك هم الجامعون بين خسران الدنيا والآخرة.
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب ﴾ استهزاء وتكذيباً منهم بذلك كقولهم :﴿ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ].
﴿ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ قد جعله الله لعذابهم وعينه، وهو القيامة، وقال الضحاك : الأجل : مدّة أعمارهم ؛ لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب ﴿ لَّجَاءهُمُ العذاب ﴾ أي لولا ذلك الأجل المضروب لجاءهم العذاب الذي يستحقونه بذنوبهم.
وقيل : المراد بالأجل المسمى : النفخة الأولى.
وقيل : الوقت الذي قدّره الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر يوم بدر.