وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَاتٌ مِّن رَّبِهِ ﴾
وفيه قولان
: أحدهما : أنهم كانواْ يسألونه آيات يقترحونها عليه كما كان يفعله مشركو قريش أن يجعل الصفا ذهباً وأن يجري بمكة نهراً.
الثاني : أنهم سألوه مثل آيات الأنبياء قبله كما جاء صالح بالناقة وموسى بالعصا وعيسى بإحياء الموتى.
﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ﴾ أي أن الله هو الذي يعطي ما يشاء من الآيات لمن يشاء من الأنبياء بحسب ما يرى من المصلحة ولذلك لم تتفق آيات الأنبياء كلها وإنما جاء كل نبي بنوع منها.
﴿ وَإِنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ يعني أن النبي ﷺ مندوب للإنذار والبيان لا لما يقترح عليه من الآيات وإنما يلزم أن يأتي بما يشهد بصدقه من المعجزات وقد فعل الله ذلك فأجابهم به فقال.
﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ يعني القرآن يتلى عليهم وفيه وجهان :
أحدهما : أولم يكفهم من الآيات التي سألوها أنا أنزلنا عليك الكتاب آية لك ودليلاً على صدقك لما فيه من الإعجاز في نظمه وصدق خبره وصحة وعده؟
الثاني : أنه محمول على ما رواه عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : أتي النبي ﷺ بكتاب في كتف فقال : كفى بقوم حمقاً أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكَتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ يعني استنقاذهم من الضلال، وبالذكرى إرشادهم إلى الحق.
﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي يريدون الإيمان ولا يقصدون العناد
. قوله تعالى :﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شِهِيداً ﴾ يعني شهيداً بالصدق والإبلاغ، وعليكم بالتكذيب والعناد.


الصفحة التالية
Icon