قال الفقيه الإمام القاضي : فهي قبل الجهاد العرفي وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته، قال الحسن بن أبي الحسن : الآية في العباد، وقال عياش وإبراهيم بن أدهم : هي في الذين يعلمون، وقال النبي ﷺ :" من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم "، ونزع بعض العلماء بقوله تعالى :﴿ واتقوا الله ويعلمكم الله ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ]، وقال عمر بن عبد العزيز : إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، وقال أبو سليمان الداراني : ليس الجهاد في هذه الآية قتال العدو فقط بل هو نصر الدين والرد على المبطلين وقمع الظالمين، وعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله عز وجل وهو الجهاد الأكبر، قاله الحسن وغيره وفيه حديث عن النبي ﷺ " رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر "، وقال سفيان بن عيينة لابن المبارك : إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور فإن الله يقول ﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ﴾ وقال الضحاك : معنى الآية ﴿ والذين جاهدوا ﴾ في الهجرة ﴿ لنهدينهم ﴾ سبل الثبوت على الإيمان، و" السبل " ها هنا يحتمل أن تكون طرق الجنة ومسالكها، ويحتمل أن تكون سبل الأعمال المؤدية إلى الجنة والعقائد النيرة، قال يوسف بن أسباط : هي إصلاح النية في الأعمال وحب التزيد والتفهيم، وهذا هو أن يجازى العبد على حسنة بازدياد حسنة وبعلم يقتدح من علم متقدم وهي حال من رضي الله عنه، وباقي الآية وعد، و" مع " تحتمل أن تكون هنا اسماً ولذلك دخلت عليها لام التأكيد، ويحتمل أن تكون حرفاً ودخلت اللام لما فيها من معنى الاستقرار كما دخلت في " إن زيداً لفي الدار ". أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾