وفي قوله :﴿ لما جاءه ﴾ : إشعار بأنهم لم يتوقفوا في تكذيبه وقت مجيء الحق لهم، بخلاف العاقل، فإنه إذا بلغه خبر، نظر فيه وفكر حتى يبين له أصدق هو أم كذب.
وأليس تقرير لمقامهم في جهنم كقوله :
ألستم خير من ركب المطايا...
و﴿ للكافرين ﴾ من وضع الظاهر موضع المضمر : أي مثواهم.
﴿ والذين جاهدوا فينا ﴾ : أطلق المجاهدة، ولم يقيدها بمتعلق، ليتناول المجاهدة في النفس الأمّارة بالسوء والشيطان وأعداء الدين، وما ورد من أقوال العلماء، فالمقصود بها المثال.
قال ابن عباس : جاهدوا أهواءهم في طاعة الله وشكر آلائه والصبر على بلائه.
﴿ لنهدينهم سبلنا ﴾ : لنزيدنهم هداية إلى سبيل الخير، كقوله :﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ﴾ وقال السدي : جاهدوا فينا بالثبات على الإيمان، لنهدينهم سبلنا إلى الجنة.
وقال أبو سليمان الداراني : جاهدوا فيما علموا، لنهدينهم إلى ما لم يعلموا.
وقيل : جاهدوا في الغزو، لنهدينهم سبل الشهادة والمغفرة.
وقال ابن عباس : المحسنين الموحدين.
وقال غيره : المجاهدون.
وقال عبد الله بن المبارك : من اعتاصت عليه مسألة، فليسأل أهل الثغور عنها، كقوله تعالى :﴿ لنهدينهم سبلنا ﴾.
﴿ والذين ﴾ : مبتدأ خبره القسم المحذوف، وجوابه : وهو لنهدينهم وبهذا، ونظيره ردّ على أبي العباس ثعلب في منعه أن تقع جملة القسم والمقسم عليه خبراً للمبتدأ، ونظيره :﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوّأنهم ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٧ صـ ﴾