الإنجاءِ التي حقُّها أنْ يشكرُوها ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي عاقبةَ ذلكَ وغائلتَه حينَ يَرَون العذابَ ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ أي ألم ينظرُوا ولم يشاهدُوا ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا ﴾ أي بلدَهم ﴿ حَرَماً ءامِناً ﴾ مصُوناً من النَّهبِ والتَّعدِّي سالماً أهلُه من كلِّ سوءٍ ﴿ وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ أي والحالُ أنَّهم يُختلسون من حولِهم قتلاً وسبياً إذ كانتِ العربُ حولَه في تغاورٍ وتناهُبٍ ﴿ أفبالباطل يُؤْمِنُونَ ﴾ أي أبعد ظهورِ الحقِّ الذي لا ريبَ فيه بالباطلِ خاصَّة يُؤمنون دُون الحقِّ ﴿ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ ﴾ وهي المستوجبةُ للشُّكرِ حيثُ يُشركون به غيرَهُ. وتقديمُ الصِّلةِ في الموضعينِ لإظهارِ كمالِ شناعةِ ما فعلُوا ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً ﴾ بأنْ زعمَ أنَّ له شريكاً أي هو أظلمُ من كلِّ ظالمٍ وإنْ كانَ سبكُ النَّظمِ دالاًّ على نفيِ الأظلمِ من غيرِ تعرضٍ لنفيِ المُساوي وقد مرَّ مراراً ﴿ أَوْ كَذَّبَ بالحق لَمَّا جَاءهُ ﴾ أي بالرَّسولِ أو بالقُرآنِ وفي لمَّا تسفيهٌ لهم بأنْ لم يتوقفُوا ولم يتأمَّلوا حينَ جاءَهم بل سارعُوا إلى التَّكذيبِ آثر ذي أثيرٍ ﴿ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى للكافرين ﴾ تقريرٌ لثُوائِهم فيها كقولِ من قالَ :
ألستُم خيرَ من رَكبَ المَطَايا... أي أَلاَ يستوجبونَ الثَّواء فيها وقد فعلُوا ما فعلُوا من الافتراءِ على الله تعالى والتَّكذيبِ بالحقِّ الصَّريحِ أو إنكارٌ واستبعادٌ لاجترائِهم على ما ذُكر من الافتراءِ والتَّكذيبِ مع علمِهم بحالِ الكَفَرةِ أي ألم يعلمُوا أن في جهنَّم مثوى للكافرين حتَّى اجترؤا هذه الجرأةَ.


الصفحة التالية
Icon