والكسائي ﴿ وَلِيَتَمَتَّعُواْ ﴾ بسكون اللام فإن لام كي لا تسكن، وإذا كانت الثانية لذلك لام الأمر فالأولى مثلها ليتضح العطف، وتخالفهما محوج إلى التكلف بأن يكون المراد كما قال أبو حيان عطف كلام على كلام لا عطف فعل على فعل، وقوله تعالى :﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي عاقبة ذلك حين يعاقبون عليه يوم القيامة مؤيد للتهديد.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ ألم ينظروا ولم يشاهدوا ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا ﴾ أي بلدهم ﴿ حَرَماً ﴾ مكاناً حرم فيه كثير مما ليس بمحرم في غيره من المواضع ﴿ ءامَنَّا ﴾ أهله عما يسوءهم من السبي والقتل على أن أمنه كناية عن أمن أهله أو على أن الإسناد مجازي أو على أن في الكلام مضافاً مقدراً، وتخصيص أهل مكة وأن أمن كل من فيه حتى الطيور والوحوش لأن المقصود الامتنان عليهم ولأن ذلك مستمر في حقهم.
وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أهل مكة قالوا : يا محمد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر منا فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكلنا أكلة رأس فأنزل الله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً ﴾ ﴿ وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ يختلسون من حولهم قتلاً وسبياً إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب، والظاهر أن الجملة حالية بتقدير مبتدأ أي وهم يتخطف الخ ﴿ أفبالباطل يُؤْمِنُونَ ﴾ أن أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه أو أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها بالصنم، وقيل : بالشيطان يؤمنون ﴿ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ ﴾ وهي المستوجبة للشكر حيث يشركون به تعالى غيره سبحانه، وتقديم الصلة في الموضعين للاهتمام بها لأنها مصب الإنكار أو للاختصاص على طريق المبالغة لأن الإيمان إذا لم يكن خاصاً لا يعتد به ولأن كفران غير نعمته عز وجل بجنب كفرانها لا يعد كفراناً.
وقرأ السلمي.
والحسن ﴿ تُؤْمِنُونَ وَتَكْفُرُونَ ﴾ بتاء الخطاب فيهما.


الصفحة التالية
Icon