وقال صاحب روح البيان :
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ﴾
إشارة تحقير للدنيا وكيف لا وهي لا تزن عند الله جناح بعوضة.
قال الإمام الراغب : الحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة فهي إشارة إلى أن الحياة الدنيا بمعنى الحياة الأولى بقرينة المقابلة بالآخرة فإنه قد يعبر بالأدنى عن الأول المقابل للآخر والمراد بالحياة الأولى ما قبل الموت لدنوه أي قربه وبالآخرة ما بعد الموت لتأخره ﴿إِلا لَهْوٌ﴾ وهو ما يلهي الإنسان ويشغله عما يعنيه ويهمه والملاهي آلات اللهو ﴿وَلَعِبٌ﴾ يقال : لعب فلان إذا لم يقصد بفعله مقصداً صحيحاً.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن هذه الحياة التي يعيش بها المرء في الدنيا بالنسبة إلى الحياة التي يعيش بها أهل الآخرة في الآخرة وجوار الحق تعالى لهو ولعب وإنما شبهها باللهو واللعب لمعنيين :
أحدهما : أن أمر اللهو واللعب سريع الانقضاء لا يداوم عليه فالمعنى : إن الدنيا وزينتها وشهواتها لظل زائل لا يكون له بقاء فلا تصلح لاطمئنان القلب بها والركون إليها.
والثاني : إن اللهو واللعب من شأن الصبيان والسفهاء دون العقلاء وذوي الأحلام ولهذا كان النبي عليه السلام يقول :"ما أنا من دد ولا الدد مني" والدد اللهو واللعب فالعاقل يصون نفسه منه انتهى.