﴿وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتُا بِيَمِينِه سُبْحَانَه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي ألم ينظر أهل مكة ولم يشاهدوا ﴿أَنَّا جَعَلْنَا﴾ أي بلدهم ﴿حَرَمًا﴾ محترماً ﴿ءَامَنَّا﴾ مصوناً من النهب والتعدي سالماً أهله آمناً من كل سوء ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يتحول إليه أي والحال أن العرب يختلسون ويؤخذون من حولهم قتلاً وسبياً إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾ أي أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه بالباطل وهو الصنم أو الشيطان يؤمنون دون الحق وتقديم الصلة لإظهار شناعة ما فعلوه وكذا في قوله :﴿وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾ المستوجبة للشكر ﴿يَكْفُرُونَ﴾ حيث يشركون به غيره.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿أَفَبِالْبَاطِلِ﴾ وهو ما سوى الله من مشارب النفس ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ أي يصرفون صدقهم ﴿وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾ وهي مشاهدة الحق.
﴿يَكْفُرُونَ﴾ بأن لا يطلبوها انتهى إنما فسر الباطل بما سوى الله لأن ما خلا الله باطل مجازى أما بطلانه فلكونه عدماً في نفسه وأما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي.
واعلم أن الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لأن الأول لا يفارق الثاني بخلاف العكس والكفار جمعوا بينهما فكانوا أذم.