حكي : عن إبراهيم الخواص رحمه الله أنه كان إذا أراد سفراً لم يعلم أحداً ولم يذكره وإنما يأخذ ركوته ويمشي قال حامد الأسوار : فبينما نحن معه في مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لي : يا حامد إلى أين؟ قلت : يا سيدي خرجت لخروجك قال : أنا أريد مكة إن شاء الله تعالى قلت : وأنا أريد إن شاء الله مكة فلما كان بعد أيام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوماً وليلة لا يسجد تعالى سجدة فعرفت إبراهيم فقلت : إن هذا الغلام لا يصلي فجلس وقال : يا غلام مالك لا تصلي والصلاة أوجب عليك من الحج فقال : يا شيخ ما عليّ صلاة قال : ألست مسلماً؟ قال : لا قال : فأي شيء أنت؟ قال : نصراني ولكن إشارتي في النصرانية إلى التوكل وادعت نفسي أنها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها إلى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود أثير ساكني وامتحن خاطري فقام إبراهيم ومشى وقال : دعه يكون معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام إبراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له : ما اسمك؟ قال : عبد المسيح فقال : يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعني الحرم وقد حرم الله على أمثالك الدخول إليه قال الله تعالى :﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ (التوبة : ٢٨) والذي أردت أن تستكشف من نفسك قد بان لك فاحذر أن تدخل مكة فإن رأيناك بمكة أنكرنا عليك
قال حامد : فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا إلى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذا به قد أقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على إبراهيم يقبل رأسه فقال له : ما الحال يا عبد المسيح؟ فقال له : هيهات أنا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له إبراهيم : حدثني حديثك قال : جلست مكاني حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكرت في زي المسلمين كأني محرم فساعة وقعت عيني على الكعبة اضمحل عندي كل دين


الصفحة التالية
Icon