﴿ الذين صَبَرُواْ ﴾ إمَّا صفةٌ للعاملينَ أو نُصبَ على المدحِ أي صبرُوا على أذيَّةِ المشركينَ وشدائدِ المهاجرةِ وغيرِ ذلكَ من المحنِ والمشاقِّ ﴿ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي ولم يتوكَّلوا فيما يأتُون ويذرونَ إلا عَلى الله تعالى.
﴿ وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ﴾ رُوي أنَّ النبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا أمرَ المُؤمنينَ الذين كانُوا بمكَّةَ بالمهاجرةِ إلى المدينةِ قالُوا : كيفَ نقدُم بلدةً ليس لنا فيها معيشةٌ فنزلتْ أي وكم من دابةٍ لا تطيقُ حملَ رزقِها لضعفِها أو لا ندخرُه وإنَّما تُصبح ولا معيشةَ عندها ﴿ الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ﴾ ثمَّ إنَّها مع ضعفِها وتوكُّلِها وإيَّاكم مع قوَّتِكم واجتهادِكم سواء في أنَّه لا يرزقُها وإيَّاكم إلا الله تعالى لأنَّ رزقَ الكلِّ بأسبابٍ هو المسبِّبُ لها وحدَهُ فلا تخافُوا الفقرَ بالمُهاجرةِ ﴿ وَهُوَ السميع ﴾ المبالغُ في السَّمعِ فيسمعُ قولَكم هذا ﴿ العليم ﴾ المبالغُ في العلمِ فيعلمُ ضمائرَكم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾