وقال أبو السعود :
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ ﴾ أي أهلَ مكَّةَ ﴿ مِنْ خلاق السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله ﴾ إذ لا سبيلَ لهم إلى إنكارِه ولا إلى التَّردُدِ فيه ﴿ فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾ إنكارٌ واستبعادٌ من جهتِه تعالى لتركِهم العملَ بموجبِه أي فكيفَ يُصرفون عن الإقرارِ بتفرُّدِه تعالى في الإلهية مع إقرارِهم بتفرُّدِه تعالى فيما ذُكر من الخلقِ والتَّسخيرِ.
﴿ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَاء ﴾ أنْ يبسطَه له ﴿ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾ أي يقدرُ لمن يشاءُ أنْ يقدرَ له منهم كائناً مَن كانَ على أنَّ الضَّميرَ مبهمٌ حسبَ إبهامِ مرجعِه، أو يقدرُ لمن يبسطه له على التَّعاقبِ ﴿ أَنَّ الله بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ ﴾ قيعلم مَن يليقُ ببسطِ الرِّزقِ فيبسطُه له ومن يليقُ بقدْرِه له فيقدرُه له أو فيعلم أنَّ كلاًّ من البسطِ والقدرِ في أيِّ وقتٍ يُوافق الحكممةَ والمصلحةَ فيفعلُ كلاًّ منهما في وقتِه ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السماء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله ﴾ معترفينَ بأنَّه الموجدُ للممكناتِ بأسرِها أصولِها وفروعِها ثمَّ إنَّهم يُشركون به بعضَ مخلوقاتِه الذي لا يكادُ يُتوهَّمُ منه القدرةُ على شيءٍ أصلاً ﴿ قُلِ الحمد لِلَّهِ ﴾ على أنْ جعلَ الحقَّ بحيثُ لا يجترىءُ المبطلون على جُحودِه وأنَّه أظهرَ حجَّتَك عليهم وقيل : على أنْ عصَمَك من هذهِ الضَّلالاتِ ولا يخفى بعدُه ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ أي شيئاً من الأشياءِ فلذلك لا يعملونَ بمُقتضى قولِهم هذا فيُشركون به سبحانَه أخسَّ مخلوقاتِه وقيل : لا يعقلونَ ما تُريد بتحميدِك عند مقالِهم ذلك. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾