قوله :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾، وختم الآية بقوله ﴿يَتَفَكَّرُوْنَ﴾ ؛ لأَنَّ الفكر يؤدى إِلى الوقوف على المعانى التَّتى خُلِقَت لها : من التوانس، (والتجانس)، وسكون كلّ واحد منهما إِلى الآخر.
قوله :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، وختم بقوله ﴿لِلْعَالَمِيْنَ﴾ لأَن الكل تظلّهم السّماء، وتُقِلهم الأَرض، فكل واحد منفردٌ بلطيفة فى صورته يمتاز بها عن غيره ؛ حتى لا ترى اثنين فى أَلف يتشابه صورتاهما ويلتبس كلاهما ؛ وكذلك ينفرد كلّ واحد بدقيقة فى صورته، يتميّز بها من بين الأَنام، فلا ترى اثنين يشتبهان.
وهذا يشترك فى معرفته النَّاس جميعاً.
فلهذا قال ﴿لآيَاتٍ لِلْعَالَمِيْنَ﴾.
ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات، واختلاف الأَلوان على السّواد والبياض، والشُّقْرة، والسّمرةِ، فالاشتراك فى معرفتها أَيضاً ظاهر.
ومن قرأَ (للعالِمين) بالكسر فقد أَحسن، لأَنَّ بالعلم يمكن الوصول إِلى معرفة ما سبق ذكره.
قوله :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِالْلَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ وختم بقوله ﴿يَسْمَعُوْنَ﴾ فإِن مَن سمع أَنَّ النوم مِن صنع الله الحكيم لا يقدر أَحد على اجتلابه إِذا امتنع، ولا على دفعه إِذا ورد، تيقَّن أَنَّ له صانعاً مدبِّرًا.
قال الإِمام : معنى (يسمعون) ههنا : يستجيبون إِلى ما يدعوهم إِليه الكتابُ.
وختم الآية الرّابعة بقوله ﴿يَعْقِلُوْنَ﴾ لأَن العقل مِلاك الأَمر فى هذه الأَبواب، وهو المؤدِّى إِلى العلم، فختم بذكره.
قوله :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ﴾ أَى أَنَّه يريكم.
وقيل : تقديره : ويريكم من آياته البرق.
وقيل : أَن يُرِيكم، فلمَّا حُذِفَ (أَنْ) سكن الياءُ وقيل :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ كلام كافِ ؛ كما تقول : منها كذا، ومنها كذا ومنها.... وتسكت، تريد بذلك الكثرة.