وقال بعضهم : إن العتبى من الإعتاب بمعنى إزالة البعث كالعطاء والاستعطاء أن لا يطلب منهم إزالة عتب اللّه أي غضبه لا بالتوبة ولا بالطاعة ولا غيرهما "وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ" ليعتبروا فيه فلم يعتبروا، وهذا إشارة إلى عدم قبول الاعتذار في الآخرة "وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ" من الآيات المنزلة عليك يا سيد الرسل، أو مما نزل على من قبلك "لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ" أيها الرسل "إِلَّا مُبْطِلُونَ" ٥٨ فيما جئتم به، فكان شأنهم معك كشأنهم مع الرسل قبلك، لأنهم كلوا يأتونهم بالحق ويكذبونهم ويرمونهم بالباطل من القول، ويصمونهم بالافتراء فلم ينتفعوا بما نضرب لهم من الأمثال ونقص عليهم من القصص ونذكرهم به من الأخبار السالفة "كَذلِكَ" مثل هذا الطبع البليغ المحكم "يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" ٥٩ الجهلة الذين علم اللّه اختيارهم الضلال على الهدى والكفر على الإيمان، ولذلك وصموا مرشديهم بما لا يليق بهم لشدة توغلهم بالكفر.
واعلم أن الكفر أربعة أنواع : الأول أن يقر بالإيمان بلسانه ولا يعتقد صحته بقلبه وهذا كفر النفاق.
الثاني أن لا يتعرف على اللّه أصلا ككفر فرعون إذ يقول (ما علمت لكم من إله غيري) وهذا كفر إنكار.
الثالث أن يعرف اللّه بقلبه ولا يقره بلسانه كإبليس، وهذا كفر جحود.
الرابع أن يعرف اللّه يقلبه
ويقر به بلسانه ولا يدين به كأمية بن الصلت وهذا كفر عناد.