وقال ابن الجوزي : وفي الذي تولى وضع الرهان من المشركين قولان : أحدهما أبي بن خلف - قاله قتادة، والثاني أبو سفيان بن حرب - قاله السدي - انتهى.
وذكر القصة أبو حيان في تفسيره البحر وزاد عن مجاهد أن التقاءهم لما ظهرت فارس كان في الجزيرة، وعن السدي أنه كان بأرض الأردن وفلسطين، وأن أبا بكر ـ رضى الله عنه ـ لما أراد الهجرة طلب منه أبي بن خلف كفيلاً بالخطر الذي كان بينهما في ذلك، فكفل به ابنه عبد الرحمن ـ رضى الله عنه ـ، فلما أراد أبي الخروج إلى أحد طلبه عبد الرحمن بالكفيل، فأعطاه كفيلاً وهلك أبي من جرح جرحه النبي ـ ﷺ ـ.
وقال ابن الفرات في تأريخه : كان بين كسرى أنوشروان وبين ملك الروم هدنة، فوقع بين رجلين من أصحابهما فبغى الرومي على الفارسي، فأرسل كسرى إلى ملك الروم بسببه، فلم يحفل برسالته، فغزاه كسرى في بضع وسبعين ألف مقاتل فأخذ مدينة دارا والرها ومنبج وقنسرين وحلب وأنطاكية - وكانت أفضل مدينة بالشام - وفامية وحمص ومدناً كثيرة، واحتوى على ما كان فيها.
وسبى أهل أنطاكية ونقلهم إلى أرض السواد، وكان ملك الروم يؤدي إليه الخراج، ولم يزل مظفراً منصوراً، تهابه الأمم، ويحضر بابه من وفودهم عدد كثير من الترك والصين والخزر ونظائرهم، وقال أيضاً في ملك أبرويز بن هرمز بن أنوشروان : وكان شديد الفطنة، قوي الذكاء، بعث الأصبهبذ - يعني شهربراز - مرة إلى الروم فأخذ خزائن الروم، وبعث بها إلى كسرى، فخاف كسرى أن يتغير عليه الأصبهبذ، لما قد نال من الظفر فبعث بقتله، فجاء الرجل إليه فرأى من عقله وتدبيره ما منعه من قتله وقال : مثل هذا لا يقتل، وأخبره ما جاء لأجله، فبعث إلى قيصر ملك الروم : إني أريد أن ألقاك، فالتقيا فقال له : إن الخبيث قد هم بقتلي، وإني أريد إهلاكه، فاجعل لي من نفسك ما أطمئن إليه، وأعطيك من بيوت أمواله مثل ما أصبت منك.


الصفحة التالية
Icon