عاجزاً عند إرادة شريكه ضد ما أراده.
وأما دلالة الإنسان على الحشر فذلك لأنه إذا تفكر في نفسه يرى قواه صائرة إلى الزوال، وأجزاءه مائلة إلى الانحلال فله فناء ضروري، فلو لم يكن له حياة أخرى لكان خلقه على هذا الوجه للفناء عبثاً، وإليه أشار بقوله :﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً﴾ [ المؤمنون : ١١٥ ] وهذا ظاهر، لأن من يفعل شيئاً للعبث فلو بالغ في إحكامه وإتقانه يضحك منه، فإذا خلقه للبقاء ولا بقاء دون اللقاء فالآخرة لا بد منها، ثم إنه تعالى ذكر بعد دليل الأنفس دليل الآفاق فقال :﴿مَّا خَلَقَ الله السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ فقوله :﴿إِلاَّ بالحق﴾ إشارة إلى وجه دلالتها على الوحدانية، وقد بينا ذلك في قوله :
﴿خَلَقَ الله السموات والأرض بالحق إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [ العنكبوت : ٤٤ ] ونعيده فإن التكرير في الذهن يفيد التقرير لذي الذهن، فنقول إذا كان بالحق لا يكون فيها بطلان فلا يكون فيها فساد لأن كل فاسد باطل وإذا لم يكن فيها فساد لا تكون آلهة وإلا لكان فيها فساد كما قال تعالى :﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] وقوله :﴿وَأَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ يذكر بالأصل الآخر الذي أنكروه.
ثم قال تعالى :﴿وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الناس بِلِقَاء رَبّهِمْ لكافرون﴾ يعني لا يعلمون أنه لا بد بعد هذه الحياة من لقاء وبقاء إما في إسعاد أو شقاء، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية