، فاستعد هرقل واستخلف ابنه على مدينة قسطنطينية، وأخذ غير الطريق الذي فيه شهربراز صاحب كسرى، وسار حتى دخل في بلاد أرمينية ونزل بنصيبين بعد سنة، وقد كان صاحب ذلك الثغر من قبل كسرى استدعى لموجدة كانت من كسرى عليه، وأما شهربراز فكانت كتب كسرى ترد عليه في الجثوم على الموضع الذي هو به، وترك البراح، ثم بلغ كسرى تساقط هرقل في جنوده إلى نصيبين فوجه لمحاربة هرقل رجلاً من قواده يقال له : راهزاد في اثني عشر ألفاً من الأنجاد، وأمره أن يقيم بنينوى وهي التي تدعى الآن الموصل - على شاطىء دجلة، ويمنع الروم أن يجوزوها، وكان كسرى بلغه خبر هرقل وأنه مغذ وهو يومئذ مقيم بدسكرة الملك، فتعذر راهزاد لأمر كسرى وعسكر حيث أمره فقطع هرقل دجلة من موضع آخر إلى الناحية التي كان فيها جند فارس، فأذكى راهزاد العيون عليه فانصرفوا إليه فأخبروه أنه في سبعين ألف مقاتل، فأيقن راهزاد أنه ومن معه من الجند عاجزون عن مناهضته، فكتب إلى كسرى غير مرة دهم هرقل إياه بمن لا طاقة له ولمن معه بهم، لكثرتهم وحسن عدته، قال ابن الفرات : فكتب كسرى إنكم إن عجزتم عن الروم لم تعجزوا عن بذل دمائكم في طاعتي، فلما تتابعت على راهزاد جوابات كسرى بذلك عبى جنده، وناهض الروم بهم، فقتل الروم راهزاد وسته آلاف رجل، وانهزمت بقيتهم، وهربوا على وجوههم، وبلغ كسرى قتل الروم راهزاد وستة آلاف وما نال هرقل من الظفر فهدّه ذلك وانحاز من دسكرة الملك إلى المدائن، وتحصن به لعجزه كان عن محاربة هرقل، وسار هرقل حتى كان قريباً من المدائن.
قال ابن الفرات : فاستعد كسرى لقتاله ثم خالف كسرى ملك الروم فرجع إلى بلاده فحمل خزائنه في البحر.


الصفحة التالية
Icon