ثم بين أمراً آخر يكون في ذلك اليوم وهو الافتراق كما قال تعالى في آية أخرى :﴿وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون﴾ [ يس : ٥٩ ] فكأن هذه الحالة مترتبة على الإبلاس، فكأنه أولاً يبلس ثم يميز ويجعل فريق في الجنة وفريق في السعير، وأعاد قوله :﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة﴾ لأن قيام الساعة أمر هائل فكرره تأكيداً للتخويف، ومنه اعتاد الخطباء تكرير يوم القيامة في الخطب لتذكير أهواله.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥)
ثم بين كيفية التفرق فقال تعالى :﴿فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِى رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ أي في جنة يسرون بكل مسرة.
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)
يعني لا غيبة لهم عنه ولا فتور له عنهم كما قال تعالى :﴿كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا﴾ [ الحج : ٢٢ ] وقال :﴿لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب﴾ [ آل عمران : ٨٨ ] وفي الآيتين مسائل فيها لطائف :
المسألة الأولى :
بدأ بذكر حال الذين آمنوا مع أن الموضع موضع ذكر المجرمين، وذلك لأن المؤمن يوصل إليه الثواب قبل أن يوصل إلى الكافر العقاب حتى يرى ويتحقق أن المؤمن وصل إلى الثواب قبل أن يوصل إلى الكافر العقاب حتى يرى ويتحقق أن المؤمن وصل إلى الثواب فيكون أنكى، ولو أدخل الكافر النار أولاً لكان يظن أن الكل في العذاب مشتركون، فقدم ذلك زيادة في إيلامهم.
المسألة الثانية :