وقال ابن مكرم في اختصاره للأغاني : ثم اقتتلوا صدر نهارهم أشد قتال رآه الناس إلى أن زالت الشمس، فشد الحوقران واسمه الحارث ابن شريك على الهامرز فقتله وقتلت بنو عجل خيارزين، وضرب الله وجوالفرس فانهزموا، وتبعتهم بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم حتى أصبحوا من الغد وقد شارفوا السواد ودخلوه فلم يلفت منهم كبير أحد، وأقبلت بكر بن وائل على الغنائم فقسموها بينهم، وقسموا تلك اللطائم بين نسائهم، وكان أول من انصرف إلى كسرى بالهزيمة إياس بن قبيصة، وكان لا يأتيه أحد بهزيمة جيش إلا نزع كتفيه، فلما أتاه إياس سأله عن الخبر فقال : هزمنا بكر بن وائل، وأتيناك بنسائهم، فأعجب ذلك كسرى، وأمر له بكسوه، ثم إن إياساً استأذنه عند ذلك فقال : إن أخي مريض بعين التمر، فأردت أن آتيه، وإنما أراد أن ينتحي عنه، فإذن له، ثم أتى رجل من أهل الحيرة فسأل : هل دخل على الملك أحد؟ فقالوا : نعم! إياس، فقال : ثكلت إياساً أمه! وظن أنه قد حدثه بالخبر، فدخل عليه فحدثه بهزيمة القوم وقتلهم، فأمر به فنزعت كتفاه ؛ وكانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر ورسول الله ـ ﷺ ـ بالمدينة، فلما بلغه ذلك قال :" هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا ".
روى ذلك الطبراني في المعجم الكبير، وقيل : إن الوقعة مثلت لرسول الله ـ ﷺ ـ وهو بالمدينة فرفع يده، فدعا لبني شيبان أو لجماعة ربيعة بالنصر، ولم يزل يدعو لهم حتى أرى هزيمة الفرس، وروي أنه ـ ﷺ ـ قال :" أيها بني ربيعة اللهم انصرهم " فهم إلى الآن إذا حاربوا نادوا بشعار النبي ـ ﷺ ـ ودعوته، وقال قائلهم : يارسول الله! دعوتك، فإذا دعوا بذلك نصروا.


الصفحة التالية
Icon