فصل
قال الفخر :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
لما ذكر بعض العرضيات اللازمة وهو اختلاف ذكر الأعراض المفارقة ومن جملتها النوم بالليل والحركة طلباً للرزق بالنهار، فذكر من اللوازم أمرين، ومن المفارقة أمرين، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿مَنَامُكُم باليل والنهار﴾ قيل أراد به النوم بالليل والنوم بالنهار وهي القيلولة : ثم قال :﴿وابتغاؤكم﴾ أي فيهما فإن كثيراً ما يكتسب الإنسان بالليل، وقيل أراد منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلف البعض بالبعض، ويدل عليه آيات أخر.
منها قوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً﴾ [ الإسراء : ١٢ ] وقوله :﴿وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً﴾ [ النبأ : ١٠، ١١ ] ويكون التقدير هكذا : ومن آياته منامكم وابتغاؤكم بالليل والنهار من فضله، فأخر الابتغاء وقرنه في اللفظ بالفعل إشارة إلى أن العبد ينبغي أن لا يرى الرزق من كسبه وبحذقه، بل يرى كل ذلك من فضل ربه، ولهذا قرن الابتغاء بالفضل في كثير من المواضع، منها قوله تعالى :﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِى الأرض وابتغوا مِن فَضْلِ الله﴾ [ الجمعة : ١٠ ] وقوله :﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ [ النحل : ١٤ ].
المسألة الثانية :
قدم المنام بالليل على الابتغاء بالنهار في الذكر، لأن الاستراحة مطلوبة لذاتها والطلب لا يكون إلا لحاجة، فلا يتعب إلا محتاج في الحال أو خائف من المآل.
المسألة الثالثة :