وقال ابن عطية :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
ذكر تعالى النوم ﴿ بالليل والنهار ﴾ وعرف النوم إنما هو بالليل وحده، ثم ذكر الابتغاء ﴿ من فضله ﴾ كأنه فيهما وإنما معنى ذلك أنه عم بالليل والنهار فسمى الزمان وقصد من ذلك تعديد آية النوم وتعديد آية ابتغاء الفضل فإنهما آيتان تكونان في ليل ونهار، والعرف يجيز كل واحدة من النعمتين أي محلها من الأغلب وقال بعض المفسرين في الكلام تقديم وتأخير.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا ضعيف وإنما أراد أن يرتب النوم لليل والابتغاء للنهار ولفظ الآية لا يعطي ما أراد، وقوله تعالى :﴿ يريكم ﴾ فعل مرتفع لما حذفت " أن " التي لو كانت لنصبته فلما حل الفعل محل الاسم أعرب برفع.
ومنه قول طرفة :[ الطويل ]
ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى... وأن أشهد للذات هي أنت مخلدي
قال الرماني : وتحتمل الآية أن يكون التقدير ﴿ ومن آياته ﴾ آية ﴿ يريكم البرق ﴾ وحذفت الآية لدلالة من عليها ومنه قول الشاعر :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
التقدير فمنها تارة أموت.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا على أن ﴿ من ﴾ للتبعيض كسائر هذه الآيات، ويحتمل في هذه وحدها أن تكون ﴿ من ﴾ لابتداء الغاية فلا يحتاج إلى تقدير " أن " ولا إلى تقدير " آية "، وإنما يكون الفعل مخلصاً للاستقبال وقوله ﴿ خوفاً وطمعاً ﴾، قال قتادة ﴿ خوفاً ﴾ للمسافر ﴿ وطمعاً ﴾ للمقيم.


الصفحة التالية
Icon