﴿ وكذلك ﴾ : أي مثل ذلك الإخراج، والمعنى : تساوي الإبداء والإعادة في حقه تعالى.
وقرأ الجمهور :﴿ تخرجون ﴾، بالتاء المضمومة، مبنياً للمفعول ؛ وابن وثاب وطلحة والأعمش : بفتح تاء الخطاب وضم الراء.
ثم ذكر تعالى آياته من بدء خلق الإنسان، آية آية، إلى حين بعثه من القبر فقال :﴿ ومن آياته أن خلقكم من تراب ﴾ : جعل خلقهم من تراب، حيث كان خلق أباهم آدم من تراب.
و﴿ تنتشرون ﴾ : تتصرفون في أغراضكم بثم المقتضية المهلة والتراخي.
ونبه تعالى على عظيم قدرته بخلق الإنسان من تراب، وهو أبعد الأشياء عن درجة الإحياء، لأنه بارد يابس، والحياة بالحرارة والرطوبة، وكذا الروح نير وثقيل، والروح خفيف وساكن، والحيوان متحرك إلى الجهات الست، فالتراب أبعد من قبول الحياة من سائر الأجسام.
﴿ من أنفسكم ﴾ : فيها قولاً ﴿ وخلق منها زوجها ﴾ إما كون حواء خلقت من ضلع آدم، وأما من جنسكم ونوعكم.
وعلل خلق الأزواج بالسكون إليها، وهو الإلف.
فمتى كان من الجنس، كان بينهما تألف، بخلاف الجنسين، فإنه يكون بينهما التنافر، وهذه الحكمة في بعث الرسل من جنس بني آدم.
ويقال : سكن إليه : مال، ومنه السكن : فعل بمعنى مفعول.
﴿ مودّة ورحمة ﴾ : أي بالأزواج، بعد أن لم يكن سابقة تعارف يوجب التواد.
وقال مجاهد والحسن وعكرمة : المودة : النكاح، والرحمة : الولد، كنى بذلك عنهما.
وقيل : مودّة للشابة، ورحمة للعجوز.
وقيل : مودة للكبير، ورحمة للصغير.
وقيل : هما اشتباك الرحم.
وقيل : المودة من الله، والبغض من الشيطان.
﴿ واختلاف ألسنتكم ﴾ : أي لغاتكم، فمن اطلع على لغات رأى من اختلاف تراكيبها أو قوانينها، مع اتحاد المدلول، عجائب وغرائب في المفردات والمركبات.
وعن وهب : أن الألسنة اثنان وسبعون لساناً، في ولد حام سبعة عشر، وفي ولد سام تسعة عشر، وفي ولد يافث ستة وثلاثون.
وقيل : المراد باللغات : الأصوات والنغم.