بعشرين ركعة، وأما النبي عليه السلام فلما كان من شأنه أن لا ينام أصلاً كما قال :" تنام عيناي ولا ينام قلبي " جعل له كل الليل كالنهار فزيد له التهجد فأمر به، وإلى هذا أشار تعالى في قوله :﴿وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾ [ الإنسان : ٢٦ ] أي كل الليل لك للتسبيح فصار هو في أربع وعشرين ساعة مسبحاً، فصار من الذين لا يفترون طرفة عين، وأما في أوقاته فما تقدم أيضاً أن الأول والآخر والوسط هو المعتبر فشرع التسبيح في أول النهار وآخره، وأما الليل فاعتبر أوله ووسطه كما اعتبر أول النهار ووسطه، وذلك لأن الظهر وقته نصف النهار والعشاء وقته نصف الليل لأنا بينا أن الليل المعتبر هو المقدار الذي يكون الإنسان فيه يقظان وهو مقدار خمس ساعات فجعل وقته في نصف هذا القدر وهو الثلاثة من الليل، وأما أبو حنيفة لما رأى وجوب الوتر كان زمان النوم عنده أربع ساعات وزمان اليقظة بالليل ثمان ساعات وأخر وقت العشاء الآخرة إلى الرابعة والخامسة، ليكون في وسط الليل المعتبر، كما أن الظهر في وسط النهار، وأما النبي ﷺ لما كان ليله نهاراً ونومه انتباهاً قال :
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك وتأخير العشاء إلى نصف الليل " ليكون الأربع في نصف الليل كما أن الأربع في نصف النهار، وأما التفصيل فالذي يتبين لي أن النهار اثنتا عشرة ساعة زمانية والصلاة المؤداة فيها عشر ركعات فيبقى على المكلف ركعتان يؤديهما في أول الليل ويؤدي ركعة من صلاة الليل ليكون ابتداء الليل بالتسبيح كما كان ابتداء النهار بالتسبيح، ولما كان المؤدى من تسبيح النهار في أوله ركعتين كان المؤدى من تسبيح الليل في أوله ركعة لأن سبح النهار طويل مثل ضعف سبح الليل، لأن المؤدى في النهار عشرة والمؤدى في الليل من تسبيح الليل خمس.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon