أراد : أن أحضر.
وقد شرحنا معنى الخوف والطمع في رؤية البَرْق في سورة [ الرعد : ١٢ ].
قوله تعالى :﴿ أن تقوم السماء والأرض ﴾ أي : تدوما قائمتين ﴿ بأمره ﴾ ﴿ ثم إِذا دعاكم دعوةً ﴾ وهي نفحة إِسرافيل الأخيرة في الصُّور بأمر الله عز وجل ﴿ من الأرض ﴾ أي : من قبوركم ﴿ إِذا أنتم تخرُجون ﴾ منها.
وما بعد هذا قد سبق بيانه [ البقرة : ١١٦، العنكبوت : ١٩ ] إِلى قوله :﴿ وهو أهونُ عليه ﴾ وفيه أربعة أقوال.
أحدها : أن الإِعادة أهون عليه من البداية، وكُلُّ هيِّنٌ عليه، قاله مجاهد، وأبو العالية.
والثاني : أن "أهون" بمعنى "هيِّن"، فالمعنى : وهو هيِّن عليه، وقد يوضع "أفعل" في موضع "فاعل"، ومثله قولهم في الأذان : الله أكبر، أي : الله كبير، قال الفرزدق :
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّماءَ بَنى لَنا...
بَيْتاً دعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ
وقال معن بن أوس المزني :
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإِنِّي لأَوْجَلُ...
على أيِّنا تَغْدُوا المَنِيَّةُ أَوَّلُ
أي : وإِنِّي لَوَجِل، وقال غيره :
أصبحتُ أمنحُك الصُّدودَ وإِنَّني...
قسماً إِليك مع الصُّدود لأَمْيَلُ
وأنشدوا أيضاً :
تَمَنَّى رِجالٌ أنْ أموتَ وإِنْ أمُتْ...
فَتِلكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيها بأَوْحَدِ
أي : بواحد، هذا قول أبي عبيدة، وهو مروي عن الحسن، وقتادة.
و[ قد ] قرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو عمران الجوني، وجعفر بن محمد :﴿ وهو هَيِّن عليه ﴾.
والثالث : أنه خاطب العباد بما يعقلون، فأعلمهم أنه يجب أن يكون عندهم البعث أسهل من الابتداء في تقديرهم وحُكمهم، فمن قَدَرَ على الإِنشاء كان البعثُ أهونَ عليه، هذا اختيار الفراء، والمبرد، والزجاج، وهو قول مقاتل.
وعلى هذه الأقوال الثلاثة تكون الهاء في "عليه" عائدة إِلى الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon