﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار ﴾ قيل : في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى : ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار ؛ فحذِف حرف الجر لاتصاله بالليل وعطفه عليه، والواو تقوم مقام حرف الجر إذا اتصلت بالمعطوف عليه في الاسم الظاهر خاصة ؛ فجعل النوم بالليل دليلاً على الموت، والتصرفُ بالنهار دليلاً على البعث.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ يريد سماع تفهّم وتدبّر.
وقيل : يسمعون الحق فيتبعونه.
وقيل : يسمعون الوعظ فيخافونه.
وقيل : يسمعون القرآن فيصدّقونه ؛ والمعنى متقارب.
وقيل : كان منهم من إذا تُلِي القرآن وهو حاضر سدّ أذنيه حتى لا يسمع ؛ فبيّن الله عز وجل هذه الدلائل عليه.
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البرق خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾ قيل : المعنى أن يريكم، فحذف "أن" لدلالة الكلام عليه ؛ قال طرفة :
ألاَ أيّهذا اللائِمي أحْضُرُ الوَغَى...
وأنْ أشْهَدَ اللَّذاتِ هل أنت مُخْلِدِي
وقيل : هو على التقديم والتأخير ؛ أي ويريكم البرق من آياته.
وقيل : أي ومن آياته آيةٌ يريكم بها البرق ؛ كما قال الشاعر :
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما...
أموتُ وأخْرَى أبتغي العيش أكْدَحُ
وقيل : أي من آياته أنه يريكم البرق خوفاً وطمعاً من آياته ؛ قاله الزجاج، فيكون عطف جملة على جملة.
﴿ خَوْفاً ﴾ أي للمسافر.
﴿ وَطَمَعاً ﴾ للمقيم ؛ قاله قتادة.
الضحاك :"خَوْفاً" من الصواعق، "وَطَمَعاً" في الغيث.
يحيى بن سلام :"خَوْفاً" من البرد أن يهلك الزرع، "وَطَمَعاً" في المطر أن يحيي الزرع.
ابن بحر :"خَوْفاً" أن يكون البرق بَرْقاً خُلَّباً لا يمطر، "وَطَمَعاً" أن يكون ممطراً ؛ وأنشد قول الشاعر :
لا يكن بَرْقُك برقاً خُلّبا...
إن خير البرق ما الغيث معه
وقال آخر :
فقد أرِد المياه بغير زاد...
سوى عدّى لها برق الغمام