فأهون بمعنى هيّن ؛ لأنه ليس شيء أهونَ على الله من شيء.
قال أبو عبيدة : ومن جعل أهون يعبر عن تفضيل شيء على شيء فقوله مردود بقوله تعالى :﴿ وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً ﴾ [ النساء : ٣٠ ] وبقوله :﴿ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ].
والعرب تحمل أفعل على فاعل، ومنه قول الفرزدق :
إن الذي سَمَك السماء بنى لنا...
بيتاً دعائمه أعزّ وأطول
أي دعائمه عزيزة طويلة.
وقال آخر :
لَعَمْرُكَ ما أدرِي وإني لأوْجَل...
على أيّنا تَعْدُو المنيّة أوّل
أراد : إني لوجِل.
وأنشد أبو عبيدة أيضاً :
إني لأمنْحُكُ الصّدود وإنني...
قَسَماً إليك مع الصُّدود لأمْيَلُ
أراد لمائل : وأنشد أحمد بن يحيى :
تَمنّى رجال أن أموت وإن أمُتْ...
فتلك سبيلٌ لست فيها بأوْحَدِ
أراد بواحد.
وقال آخر :
لعمرك إن الزِّبرقان لباذل...
لمعروفه عند السنينَ وأفضل
أي وفاضل.
ومنه قولهم : الله أكبر ؛ إنما معناه الله الكبير.
وروى معمر عن قتادة قال : في قراءة عبد الله بن مسعود "وهو عليه هين".
وقال مجاهد وعكرمة والضحاك : إن المعنى أن الإعادة أهون عليه أي على الله من البداية ؛ أي أيسر، وإن كان جميعه على الله تعالى هيناً ؛ وقاله ابن عباس.
ووجهه أن هذا مَثَل ضربه الله تعالى لعباده ؛ يقول : إعادة الشيء على الخلائق أهون من ابتدائه ؛ فينبغي أن يكون البعث لمن قدر على البداية عندكم وفيما بينكم أهونَ عليه من الإنشاء.
وقيل : الضمير في "عَلَيْهِ" للمخلوقين ؛ أي وهو أهون عليه، أي على الخلق، يصاح بهم صيحة واحدة فيقومون ويقال لهم : كونوا فيكونون ؛ فذلك أهون عليهم من أن يكونوا نُطَفاً ثم عَلَقا ثم مُضَغا ثم أجِنّة ثم أطفالا ثم غلماناً ثم شبانا ثم رجالاً أو نساء.
وقاله ابن عباس وقُطْرُب.
وقيل : أهون أسهل ؛ قال :
وهان على أسماء أن شطَّت النَّوَى...
يحنّ إليها والِهٌ ويتوق