﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴾ أي يتفرّق جميع الخلق المدلول عليهم بقوله :﴿ الله يَبْدَأُ الخلق ﴾ والمراد بالتفرّق : أن كل طائفة تنفرد، فالمؤمنون يصيرون إلى الجنة، والكافرون إلى النار، وليس المراد تفرّق كلّ فرد منهم عن الآخر، ومثله قوله تعالى :﴿ فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير ﴾ [ الشورى : ٧ ] وذلك بعد تمام الحساب، فلا يجتمعون أبداً.
ثم بيّن سبحانه كيفية تفرّقهم، فقال :﴿ فَأَمَّا الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ﴾ قال النحاس : سمعت الزجاج يقول : معنى "أما" : دع ما كنا فيه، وخذ في غيره، وكذا قال سيبويه : إن معناها : مهما يكن من شيء فخذ في غير ما كنا فيه.
والروضة كل أرض ذات نبات.
قال المفسرون : والمراد بها هنا : الجنة، ومعنى ﴿ يحبرون ﴾ : يسرون، والحبور والحبرة : السرور، أي فهم في رياض الجنة ينعمون.
قال أبو عبيد : الروضة ما كان في سفل، فإذا كان مرتفعاً فهو : ترعة.
وقال غيره : أحسن ما تكون الروضة إذا كانت في مكان مرتفع، ومنه قول الأعشى :
ما روضة من رياض الحزن معشبة... خضراء جاد عليها مسبل هطل
وقيل : معنى ﴿ يحبرون ﴾ : يكرمون.
قال النحاس : حكى الكسائي حبرته، أي أكرمته، ونعمته، والأولى تفسير يحبرون بالسرور كما هو المعنى العربيّ، ونفس دخول الجنة يستلزم الإكرام والنعيم، وفي السرور زيادة على ذلك.
وقيل : التحبير التحسين، فمعنى ﴿ يحبرون ﴾ يحسن إليهم، وقيل : هو السماع الذي يسمعونه في الجنة.
وقيل : غير ذلك، والوجه ما ذكرناه.
﴿ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ ﴾ بالله ﴿ وَكَذَّبُواْ بئاياتنا ﴾ وكذبوا ب ﴿ لِقَاء الآخرة ﴾ أي البعث والجنة والنار، والإشارة بقوله :﴿ فأولئك ﴾ إلى المتصفين بهذه الصفات، وهو مبتدأ وخبره :﴿ فِي العذاب مُحْضَرُونَ ﴾ أي مقيمون فيه.
وقيل : مجموعون.
وقيل : نازلون.


الصفحة التالية
Icon