وقوله :﴿ عشيا ﴾ معطوف على حين ﴿ وفي السماوات ﴾ متعلق بنفس الحمد، أي الحمد له يكون في السماوات والأرض ﴿ يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت ﴾ كالإنسان من النطفة والطير من البيضة ﴿ وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي ﴾ كالنطفة والبيضة من الحيوان.
وقد سبق بيان هذا في سورة آل عمران.
وقيل : ووجه تعلق هذه الآية بالتي قبلها أن الإنسان عند الصباح يخرج من شبه الموت وهو النوم إلى شبه الوجود وهو اليقظة، وعند العشاء يخرج من اليقظة إلى النوم ﴿ وَيُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ أي يحييها بالنبات بعد موتها باليباس، وهو شبيه بإخراج الحيّ من الميت ﴿ وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ أي ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم.
قرأ الجمهور :﴿ تخرجون ﴾ على البناء للمفعول.
وقرأ حمزة والكسائي على البناء للفاعل، فأسند الخروج إليهم كقوله :﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث ﴾ [ المعارج : ٤٣ ] ﴿ وَمِنْ ءاياته أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ﴾ أي من آياته الباهرة الدالة على البعث أن خلقكم، أي خلق أباكم آدم من تراب، وخلقكم في ضمن خلقه ؛ لأن الفرع مستمد من الأصل ومأخوذ منه، وقد مضى تفسير هذا في الأنعام، و " أن " في موضع رفع بالابتداء، و ﴿ من آياته ﴾ خبره ﴿ ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ﴾ " إذا " هي الفجائية، أي ثم فاجأتم بعد ذلك وقت كونكم بشراً تنتشرون في الأرض.
وإذا الفجائية، وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء، لكنها وقعت هنا بعد ثم بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة، وهي أطوار الإنسان كما حكاه الله في مواضع : من كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً مكسوّاً لحماً فاجأ البشرية، والانتشار، ومعنى ﴿ تنتشرون ﴾ : تنصرفون فيما هو قوام معايشكم.
﴿ وَمِنْ ءاياته أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا ﴾ أي ومن علاماته ودلالاته الدالة على البعث أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً، أي من جنسكم في البشرية والإنسانية.