والإمام حكى الوجه الأول وقدم عليه ما هو ظاهر في أن المراد بالألسنة الأصوات والنغم ونص على أنه أصح من المحكي ﴿ وألوانكم ﴾ بياض الجلد وسواده وتوسط فيما بينهما أو تصوير الأعضاء وهيئاتها وألوانها وحلاها بحيث وقع التمايز بين الأشخاص حتى أن التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور الملاقية لهما في التخليق يختلفان في شيء من ذلك لا محالة وإن كانا في غاية التشابه، فالألوان بمعنى الضروب والأنواع كما يقال : ألوان الحديث وألوان الطعام، وهذا التفسير أعم من الأول، وإنما نظم اختلاف الألسنة والألوان في سلك الآيات الآفاقية من خلق السموات والأرض مع كونه من الآيات الأنفسية الحقيقة بالانتظام في سلك ما سبق من خلق أنفسهم وأزواجهم للإيذان باستقلاله والاحتراز عن توهم كونه من متممات خلقهم ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ أي فيما ذكر من خلق السموات والأرض واختلاف الألسنة والألوان ﴿ لاَيَاتٍ ﴾ عظيمة كثيرة ﴿ للعالمين ﴾ أي المتصفين بالعلم كما في قوله تعالى :﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العالمون ﴾ [ العنكبوت : ٣ ٤ ] وقرأ الكثير ﴿ العالمين ﴾ بفتح اللام، وفيه دلالة على وضوح الآيات وعدم خفائها على أحد من الخلق كافة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢١ صـ ﴾