الآخرة فلأن ما وصل إلى العبد من الالتذاذ بالمأكول والمشروب فهو يزول، ولكن الله يجدد له مثله إلى الأبد من فضله الذي لا نفاد له فالذي لا نفاد له هو فضله.
وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)
لما بين التوحيد بالدليل وبالمثل، بين أن لهم حالة يعرفون بها، وإن كانوا ينكرونها في وقت وهي حالة الشدة، فإن عند انقطاع رجائه عن الكل يرجع إلى الله، ويجد نفسه محتاجة إلى شيء ليس كهذه الأشياء طالبة به النجاة ﴿ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ يعني إذا خلصناه يشرك بربه ويقول تخلصت بسبب اتصال الكوكب الفلاني بفلان، وبسبب الصنم الفلاني، لا، بل ينبغي أن لا يعتقد أنه تخلص بسبب فلان إذا كان ظاهراً فإنه شرك خفي، مثاله رجل في بحر أدركه الغرق فيهيىء له لوحاً يسوقه إليه ريح فيتعلق به وينجو، فيقول تخلصت بلوح، أو رجل أقبل عليه سبع فيرسل الله إليه رجلاً فيعينه فيقول خلصني زيد، فهذا إذا كان عن اعتقاد فهو شرك خفي، وإن كان بمعنى أن الله خلصني على يد زيد فهو أخفى، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :