وقرأ حمزة والكسائي :"فَارقُوا دِينَهم"، وقد قرأ بذلك عليّ بن أبي طالب ؛ أي فارقوا دينهم الذي يجب اتباعه، وهو التوحيد.
﴿ وَكَانُواْ شِيَعاً ﴾ أي فِرقاً ؛ قاله الكَلْبيّ.
وقيل أدياناً ؛ قاله مقاتل.
﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ أي مسرورون معجبون، لأنهم لم يتبيّنوا الحق وعليهم أن يتبيّنوه.
وقيل : كان هذا قبل أن تنزل الفرائض.
وقول ثالث : أن العاصي لله عز وجل قد يكون فرحاً بمعصيته، فكذلك الشيطان وقُطّاع الطريق وغيرهم، والله أعلم.
وزعم الفرّاء أنه يجوز أن يكون التمام "وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ويكون المعنى : من الذين فارقوا دينهم "وَكَانُوا شِيَعاً" على الاستئناف، وأنه يجوز أن يكون متصلاً بما قبله.
النحاس : وإذا كان متصلاً بما قبله فهو عند البصريين على البدل بإعادة الحرف ؛ كما قال جل وعز :﴿ قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ﴾ [ الأعراف : ٧٥ ] ولو كان بلا حرف لجاز.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ ﴾ أي قَحْط وشِدّة ﴿ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ ﴾ أن يرفع ذلك عنهم ﴿ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ قال ابن عباس : مقبلين عليه بكل قلوبهم لا يشركون.
ومعنى هذا الكلام التعجب، عجب نبيّه من المشركين في ترك الإنابة إلى الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم ؛ أي إذا مسّ هؤلاء الكفارَ ضرٌّ من مرض وشدّة دعوْا ربّهم ؛ أي استغاثوا به في كشف ما نزل بهم ؛ مقبلين عليه وحده دون الأصنام، لعلمهم بأنه لا فرج عندها.
﴿ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً ﴾ أي عافية ونعمة.
﴿ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ﴾ أي يشركون به في العبادة.
قوله تعالى :﴿ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ قيل : هي لام كي.


الصفحة التالية
Icon