هذا تنبيه لقريش وأمر لهم بالاعتبار فيمن سلف من الأمم وفي سوء عواقبهم بكفرهم وإشراكهم، ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام بإقامة وجهه، والمعنى اجعل قصدك ومسعاك للدين أي لطريقه ولأعماله واعتقاداته، و﴿ القيم ﴾ أصله قيوم اجتمعت الواو والياء وسبقت الياء وهي ساكنة فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية، ثم حذره تعالى من يوم القيامة تحذيراً يعم العالم وإياهم القصد، و﴿ لا مرد له ﴾ معناه ليس فيه رجوع لعمل ولا لرغبة ولا عنه مدخل، ويحتمل أن يريد لا يرده راد حتى لا يقع وهذا ظاهر بحسب اللفظ، و﴿ يصدعون ﴾ معناه يتفرقون بعد جمعهم، وهذا هو التصدع والمعنى يتفرقون إلى الجنة وإلى النار، ثم قسم الفريقين بأحكام تلحقهم من أعمال في الدنيا ثم عبر عن " الكفر " ب " عليه " وهي تعطي الثقل والمشقة وعن العمل الصالح باللام التي هي كلام الملك، و﴿ يمهدون ﴾ معناه يوطئون ويهيئون وهي استعارة منقولة من الفرش ونحوها إلى الأحوال والمراتب، وقال مجاهد : هذا التمهيد هو للقبر.
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٤٥)
اللام في قوله ﴿ ليجزي ﴾ متعلقة ب ﴿ يصدعون ﴾ [ الروم : ٤٣ ]، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف تقديره ذلك أو فعل ذلك ﴿ ليجزي ﴾ وتكون الإشارة إلى ما تقرر من قوله تعالى ﴿ من كفر ﴾ [ الروم : ٤٣ ] ﴿ وعمل صالحاً ﴾ [ الروم : ٤٣ ]، وقوله تعالى، ﴿ لا يحب الكافرين ﴾ ليس الحب بمعنى الإرادة ولكنه بمعنى لا يظهر عليهم أمارات رحمته ولا يرضاه لهم ديناً ونحو هذا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon