وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ الله الذي خَلَقَكُمْ ﴾
ابتداء وخبر.
وعاد الكلام إلى الاحتجاج على المشركين وأنه الخالق الرازق المميت المحيي.
ثم قال على جهة الاستفهام :﴿ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾ لا يفعل.
ثم نزّه نفسه عن الأنداد والأضداد والصاحبة والأولاد بقوله الحق :﴿ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ وأضاف الشركاء إليهم لأنهم كانوا يسمونهم بالآلهة والشركاء، ويجعلون لهم من أموالهم.
قوله تعالى :﴿ ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر ﴾ اختلف العلماء في معنى الفساد والبر والبحر ؛ فقال قتادة والسدّي : الفساد الشرك، وهو أعظم الفساد.
وقال ابن عباس وعِكرمة ومجاهد : فساد الْبَرِّ قتلُ ابن آدم أخاه ؛ قابيلُ قتل هابيل.
وفي البحر بالْمَلِك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً.
وقيل : الفساد القحط وقلّة النبات وذهاب البركة.
ونحوه قال ابن عباس قال : هو نقصان البركة بأعمال العباد كي يتوبوا.
قال النحاس : وهو أحسن ما قيل في الآية.
وعنه أيضاً : أن الفساد في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم.
وقال عطية : فإذا قلّ المطرقّل الغَوْص عنده، وأخفق الصيادون، وعميت دواب البحر.
وقال ابن عباس : إذا مطرت السماء تفتحت الأصداف في البحر، فما وقع فيها من السماء فهو لؤلؤ.
وقيل : الفساد كساد الأسعار وقلّة المعاش.
وقيل : الفساد المعاصي وقطعُ السبيل والظلم ؛ أي صار هذا العمل مانعاً من الزرع والعمارات والتجارات ؛ والمعنى كله متقارب.
والبر والبحر هما المعروفان المشهوران في اللغة وعند الناس ؛ لا ما قاله بعض العُبّاد : أن البر اللسانُ والبحر القلب ؛ لظهور ما على اللسان وخفاء ما في القلب.
وقيل : البَر : الفيافي، والبحر : القرى ؛ قاله عكرمة.
والعرب تسمي الأمصار البحار.
وقال قتادة : البَرّ أهل العمود، والبحر أهل القرى والريف.


الصفحة التالية
Icon