قوله تعالى :﴿لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ إشارة إلى أن الاعتبار بالقصد لا بنفس الفعل، فإن من أنفق جميع أمواله رياء الناس لا ينال درجة من يتصدق برغيف لله، وقوله :﴿وَجْهُ الله﴾ أي يكون عطاؤه لله لا غير، فمن أعطى للجنة لم يرد به وجه الله، وإنما أراد مخلوق الله.
المسألة السابعة :
كيف قال :﴿وأولئك هُمُ المفلحون﴾ مع أن للإفلاح شرائط أخر، وهي المذكورة في قوله :﴿قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون﴾ [ المؤمنون : ١ ] فنقول كل وصف مذكور هناك يفيد الإفلاح، فقوله ﴿والذين هُمْ للزكواة فاعلون﴾ [ المؤمنون : ٤ ] وقوله :﴿والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ راعون﴾ [ المؤمنون : ٨ ] إلى غير ذلك عطف على المفلح أي هذا مفلح، وذاك مفلح، وذاك الآخر مفلح لا يقال لا يحصل الإفلاح لمن يتصدق ولا يصلي، فنقول هذا كقول القائل العالم مكرم أي نظراً إلى علمه ثم إذا حد في الزنا على سبيل النكال وقطعت يده في السرقة لا يبطل ذلك القول حتى يقول القائل، إنما كان ذلك لأنه أتى بالفسق، فكذلك إيتاء المال لوجه الله يفيد الإفلاح، اللهم إلا إذا وجد مانع من ارتكاب محظور أو ترك واجب.
المسألة الثامنة :
لم لم يذكر غيره من الأفعال كالصلاة وغيرها ؟ فنقول الصلاة مذكورة من قبل لأن الخطاب ههنا بقوله :﴿فَأْتِ﴾ مع النبي ﷺ وغيره تبع، وقد قال له من قبل ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً﴾ [ الروم : ٣٠ ] وقال :﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ واتقوه وَأَقِيمُواْ الصلاة﴾ [ الروم : ٣١ ].
المسألة التاسعة :