قال :﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِى العمى﴾ أي ليس شغلك هداية العميان كما يقول القائل فلان ليس بشاعر وإنما ينظم بيتاً وبيتين، أي ليس شغله ذلك فقوله :﴿إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾ نفى ذلك عنه، وقوله :﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِى العمى﴾ يعني ليس شغلك ذلك، وما أرسلت له.
ثم قال تعالى :﴿إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾ [ النمل : ٨١ ] لما نفى إسماع الميت والأصم وأثبت إسماع المؤمن بآياته لزم أن يكون المؤمن حياً سميعاً وهو كذلك لأن المؤمن ترد على قلبه أمطار البراهين فتنبت في قلبه العقائد الحقة، ويسمع زواجر الوعظ فتظهر منه الأفعال الحسنة، وهذا يدل على خلاف مذهب المعتزلة فإنهم قالوا الله يريد من الكل الإيمان، غير أن بعضهم يخالف إرادة الله، وقوله :﴿إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ﴾ دليل على أنه يؤمن فيسمعه النبي ﷺ ما يجب أن يفعل فهم مسلمون مطيعون كما قال تعالى عنهم :﴿قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٥ صـ ١١٧ ـ ١١٩﴾