وفي قوله :﴿ وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ﴾ : تبشير للرسول وأمته بالنصر والظفر، إذ أخبر أن المؤمنين بأولئك المؤمنين نصروا، وفي لفظ حقاً مبالغة في التحتم، وتكريم للمؤمنين، وإظهار لفضيلة سابقة الإيمان، حيث جعلهم مستحقين النصر والظفر.
والظاهر أن ﴿ حقاً ﴾ خبر كان، و﴿ نصر المؤمنين ﴾ الاسم، وأخر لكون ما تعلق به فاصلة للاهتمام بالجزاء، إذ هو محط الفائدة.
وقال ابن عطية : وقف بعض القراء على حقاً وجعله من الكلام المتقدم، ثم استأنف جملة من قوله :﴿ علينا نصر المؤمنين ﴾، وهذا قول ضعيف، لأنه لم يدر قدر ما عرضه في نظم الآية.
وقال الزمخشري : وقد يوقف على ﴿ حقاً ﴾، ومعناه : وكان الانتقام منهم حقاً، ثم يبتدأ علينا ﴿ نصر المؤمنين ﴾. انتهى.
وفي الوقف على ﴿ وكان حقاً ﴾ بيان أنه لم يكن الانتقام ظلماً، بل عدلاً، لأنه لم يكن إلا بعد كون بقائهم غير مفيد إلاّ زيادة الإثم وولادة الفاجر الكافر، فكان عدمهم خيراً من وجودهم الخبيث.
﴿ الله الذي يرسل الرياح ﴾، هذا متعلق بقوله :﴿ ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ﴾، والجملة التي بينهما اعتراض، جاءت تأنيساً للرسول وتسلية ووعداً بالنصر ووعيداً لأهل الكفر، وفي إرسالها قدرة وحكمة.
أما القدرة، فإن الهواء اللطيف الذي يسبقه البرق بحيث يقلع الشجر ويهدم البناء، وهو ليس بذاته يفعل ذلك، بل بفاعل مختار.
وأما الحكمة، ففيما يفضي إليه نفس الهبوب من إثارة السحب، وإخراج الماء منه، وإنبات الزرع، ودر الضرع، واختصاصه بناس دون ناس ؛ وهذه حكمة بالغة معروفة بالمشيئة والإثارة، تحريكها وتسييرها.
والبسط : نشرها في الآفاق، والكسف : القطع.
وتقدم الكلام على قوله :﴿ فترى الودق يخرج من خلاله ﴾، وذكر الخلاف في ﴿ كسفاً ﴾ وحاله من جهة القراء.


الصفحة التالية
Icon