ولما أفهم ذلك عدم الاكتراث بالدنيا لأن الاكتراث بها لا يزيدها، والتهاون بها لا ينقصها، فصار ذلك لا يفيد إلا تعجيل النكد بالكد والنصب، وكان مما تقدم أن السيئة من أسباب المحق، سبب عنه الإقبال على إنفاقها في حقوقها إعراضاً عنها وإيذاناً بإهانتها وإيقاناً بأن ذلك هو استيفاؤها واستثمارها واستنماؤها، فقال خاصاً بالخطاب أعظم المتأهلين لتنفيذ أوامره لأن ذلك أوقع في نفوس الأتباع، وأجدر بحسن القبول منهم والسماع :﴿فآت﴾ يا خير الخلق! ﴿ذا القربى حقه﴾ بادئاً به لأنه أحق الناس بالبر، صلة للرحم وجوداً وكرماً ﴿والمسكين﴾ سواء كان ذا القربى أو لا ﴿وابن السبيل﴾ وهو المسافر كذلك، والحق الذي ذكر لهما الظاهر أنه يراد به النفل لا الواجب، لعدم ذكر بقية الأصناف، ودخل الفقير من باب الأولى.