وقال ابن عطية :
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ﴾
وهذه أيضاً عبر بين فيها أن الأوثان لا مدخل لها فيها.
وقرأ جمهور القراء والناس بضم الضاد في " ضُعف "، وقرأ عاصم وحمزة بفتحها وهي قراءة ابن مسعود وأبي رجاء، والضم أصوب، وروي عن ابن عمر أنه قرأ النبي ﷺ بالفتح فردها عليه بالضم، وقال كثير من اللغويين : ضم الضاد في البدن وفتحها في العقل، وروي عن أبي عبد الرحمن والجحدري والضحاك أنهم ضموا الضاد في الأول والثاني وفتحو " ضَعفاً "، وقرأ عيسى بن عمر " من ضُعُف " بضمتين، وهذه الآية إنما يراد بها حال الإنسان، و" الضعف " الأول هو كون الإنسان من ماء مهين، و" القوة " بعد ذلك الشبيبة، وقوة الأسر، و" الضعف " الثاني الهرم والشيخ هذا قول قتادة وغيره ثم أخبر تعالى عن يوم القيامة أن المجرمين يقسمون لجاجاً منهم وتسوراً على ما لا علم لهم به أنهم ما لبثوا تحت التراب غير ساعة وهذا إتباع لتحيلهم الفاسد ونظرهم في ذلك الوقت على نحو ما كانوا في الدنيا يتبعون ذلك، و﴿ يؤفكون ﴾ عن الحق أي يصرفون وقيل المعنى ما لبثوا الدنيا كأنهم استقلوهم لما عاينوا من أمر الآخرة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا يضعفه قوله تعالى :﴿ كذلك كانوا يؤفكون ﴾ إذ لو أراد تقليل الدنيا بالإضافة إلى الآخرة لكان منزعاً سديداً وكان قولهم ﴿ ساعة ﴾ تجوزاً في القدر والموازنة، ثم أخبر تعالى عن ﴿ الذين أوتوا العلم والإيمان ﴾ أنهم يقفون في تلك الحال على حق ويعرفون أنه الوعد المتقرر في الدنيا، وقال بعض المفسرين : إنما أراد الإيمان والعلم ففي الكلام تقديم وتأخير.


الصفحة التالية
Icon