وعند هذا الإيقاع الكوني الضخم العميق تنتهي الجولة الأولى بقضاياها ومؤثراتها معروضة في ساحة الكون الكبير.
فأما الجولة الثانية فتبدأ من خلال نفوس آدمية، وتتناول القضية ذاتها في المجال ذاته بأسلوب جديد ومؤثرات جديدة.. (ولقد آتينا لقمان الحكمة)فما طبيعة هذه الحكمة وما مظهرها الفريد ؟ إنها تتلخص في الاتجاه لله بالشكر: (أن اشكر لله)فهذه هي الحكمة وهذا هو الاتجاه الحكيم.. والخطوة التالية هي اتجاه لقمان لابنه بالنصيحة: نصيحة حكيم لابنه. فهي نصيحة مبرأة من العيب، صاحبها قد أوتي الحكمة. وهي نصيحة غير متهمة، فما يمكن أن تتهم نصيحة والد لولده. هذه النصيحة تقرر قضية التوحيد التي قررتها الجولة الأولى وقضية الآخرة كذلك مصحوبة بهذه المؤثرات النفسية ومعها مؤثرات جديدة:(وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم).. ويؤكد هذه القضية بمؤثر آخر فيعرض لعلاقة الأبوة والأمومة بأسلوب يفيض انعطافا ورحمة: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين)ويقرن قضية الشكر لله بالشكر لهذين الوالدين، فيقدمها عليها: أن اشكر لي ولوالديك.. ثم يقرر القاعدة الأولى في قضية العقيدة، وهي أن وشيجة العقيدة هي الوشيجة الأولى، المقدمة على وشيجة النسب والدم. وعلى ما في هذه الوشيجة من انعطاف وقوة إلا أنها تالية للوشيجة الأولى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا، واتبع سبيل من أناب إلي). ويقرر معها قضية الآخرة: (ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).. ويتبع هذه القضية بمؤثر هائل وهويصور عظمة علم الله ودقته وشموله وإحاطته، تصويرا يرتعش له الوجدان البشري وهو يتابعه في المجال الكوني الرحيب:(يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل، فتكن في صخرة، أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله. إن الله لطيف خبير).. ثم يتابع لقمان وصيته لابنه بتكاليف العقيدة، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على ما يستتبعه هذا وذلك من


الصفحة التالية
Icon