ثم تبدأ الجولة الثالثة.. تبدأ بعرض القضية المعهودة في مجال السماوات والأرض، مصحوبة بمؤثر منتزع من علاقة البشر بالسماوات والأرض وما فيها من نعم سخرها الله للناس وهم لا يشكرون:(ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة. ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير).. وفي ظل هذا المؤثر يبدو الجدل في الله مستنكرا من الفطرة، تمجه القلوب المستقيمة.. ثم يتابع استنكار موقف الكفر والجمود: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا.. وهو موقف سخيف مطموس، يتبعه بمؤثر مخيف: أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ؟.. ومن ثم يعرض قضية الجزاء في الآخرة مرتبطة بقضية الإيمان والكفر: (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور.. ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم، فننبئهم بما عملوا).. ويشير إلى علم الله الواسع الدقيق: (إن الله عليم بذات الصدور). ويصحب ذلك العرض بتهديد مخيف:(نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ).. وقرب ختام الجولة يقفهم وجها لوجه أمام منطق الفطرة وهي تواجه هذا الكون، فلا تملك إلا الاعتراف بالخالق الواحد الكبير:(ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن: الله. قل: الحمد لله، بل أكثرهم لا يعلمون).. ويختم الجولة بمشهد كوني يصور امتداد علم الله بلا نهاية، وانطلاق مشيئته في الخلق والإنشاء بلا حدود ; ويجعل من هذا دليلا كونيا على البعث والإعادة وعلى الخلق والإنشاء: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة. إن الله سميع بصير..