ومن بليغ حكمته ما أسنده صاحب الفردوس عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ ان النبي ـ ﷺ ـ قال :" حقاً أقول! لم يكن لقمان نبياً، ولكن كان عبداً ضمضامة كثير التفكر حسن اليقين، أحب الله فأحبه، فمنّ عليه بالحكمة، كان نائماً نصف النهار إذ جاءه نداء، قيل : يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق، فأجاب : إن خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وإن عزم عليّ فسمعاً وطاعة، فإني أعلم أنه أن فعل ذلك ربي عصمني وأعانني، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم : لم يا لقمان؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، إذ يعدل فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً، ومن تخير الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها " وفي الفردوس عن مكارم الأخلاق لأبي بكر بن لال عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في العزلة وواحد في الصمت "، وقال لقمان : لا مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس، وقال : ضرب الوالد لولده كالسماء للزرع، وقيل له : أيّ الناس شر؟ قال : الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً، وقيل له : ما أقبح وجهك! فقال : تعيب النقش أو النقاش، وقال البغوي : إنه قيل له : لم بلغت ما بلغت؟ قال : بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني - انتهى.