كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ حَمِيدٌ} أي الله غير محتاج إلى شكر حتى يتضرر بكفران الكافر وهو في نفسه محمود سواء شكره الناس أو لم يشكروه، وفي الآية مسائل ولطائف الأولى : فسر الله إيتاء الحكمة بالأمر بالشكر، لكن الكافر والجاهل مأموران بالشكر فينبغي أن يكون قد أوتي الحكمة والجواب : أن قوله تعالى :﴿أَنِ اشكر للَّهِ﴾ أمر تكوين معناه آتيناه الحكمة بأن جعلناه من الشاكرين، وفي الكافر الأمر بالشكر أمر تكليف.
المسألة الثانية :
قال في الشكر ﴿ومن يشكر﴾ بصيغة المستقبل، وفي الكفران ﴿ومن كفر فإن الله غني﴾، وإن كان الشرط يجعل الماضي والمستقبل في معنى واحد، كقول القائل : من دخل داري فهو حر، ومن يدخل داري فهو حر، فنقول فيه إشارة إلى معنى وإرشاد إلى أمر، وهو أن الشكر ينبغي أن يتكرر في كل وقت لتكرر النعمة، فمن شكر ينبغي أن يكرر، والكفر ينبغي أن ينقطع فمن كفر ينبغي أن يترك الكفران، ولأن الشكر من الشاكر لا يقع بكماله، بل أبداً يكون منه شيء في العدم يريد الشاكر إدخاله في الوجود، كما قال :﴿رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَك﴾ [ النمل : ١٩ ] وكما قال تعالى :﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾ [ النحل : ١٨ ] فأشار إليه بصيغة المستقبل تنبيهاً على أن الشكر بكماله لم يوجد وأما الكفران فكل جزء يقع منه تام، فقال بصيغة الماضي.
المسألة الثالثة :