فقد حكي عن الأصمعي أنه سئل عن الألمعي فأنشده ولم يزد عليه، وهذا ظاهر على تقدير أن يراد بالحسنات مشاهيرها المعهودة في الدين، وأما على تقدير أن يراد بها جميع ما يحسن من الأعمال فلا يظهر إلا باعتبار جعل المذكورات بمنزلة الجميع من باب كل الصيد في جوف الفرا، وقيل : إذا أريد بالحسنات المذكورات يكون الموصول صفة كاشفة
وقوله تعالى :﴿ أولئك على هُدًى مّن رَّبّهِمْ وأولئك هُمُ المفلحون ﴾
استئنافاً، وإذا أريد بها جميع ما يحسن من الأعمال وكان تخصيص المذكورات بالذكر لفضل اعتداد بها يكون الموصول مبتدأ وجملة ﴿ أولئك على هُدًى ﴾ الخ خبره والكلام استئناف بذكر الصفة الموجبة للاستئهال.
وقيل : إن الموصول على التقديرين صفة إلا أنه على التقدير الأول كاشفة وعلى التقدير الثاني صفة مادحة للوصف لا للموصوف، وبناء ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ على ﴿ هُمْ ﴾ للتقوي، وأعيد الضمير للتأكيد ولدفع توهم كون ﴿ بالآخرة ﴾ خبراً وجبراً للفصل بين المبتدأ وخبره ولم يؤخر الفاصل للفاصلة.
وذكر بعض أجلة المفسرين في قوله تعالى أول سورة [ النمل : ٣ ] :﴿ وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ إن بناء ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ على ﴿ هُمْ ﴾ يدل على أن مقابليهم ليسوا من اليقين في ظل ولا فىء وإن تقديم ﴿ فِى الآخرة ﴾ يدل على أن ما عليه مقابلوهم ليس من الآخرة في شيء وذلك لإفادة تقديم الفاعل المعنوي وتقديم الجار على متعلقه الاختصاص فانظر هل يتسنى نحو ذلك هنا، وقد مر أول سورة البقرة ما يعلم منه وجه اختيار اسم الإشارة ووجه تكراره، وفي الآية كلام بعد لا يخفى على من راجع ما ذكروه من الكلام على ماي شبهها هناك وتأمل فراجع وتأمل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢١ صـ ﴾