ولما كان الإحسان ما دعت إليه سورة الروم من الإيمان بلقاء الله، منزهاً عن شوائب النقص، موصوفاً بأوصاف الكمال، معبوداً بما شرعه على وجه الإخلاص، والانقياد مع الدليل كيفما توجه، والدوران معه كيفما دار، وكان ذلك هو عين الحكمة، قال تعالى :﴿هدى﴾ أي حال كونها أو كونه بياناً متقناً ﴿ورحمة﴾ أي حاملاً على القيام بكل ما دعا إليه، والتقدير على قراءة حمزة بالرفع : هي أو هو، وقال :﴿للمحسنين﴾ إشارة إلى أن من حكمته أنه خاص في هذا الكمال وضعاً للشيء في محله بهذا الصنف، وهم الذين لزموا التقوى فأدتهم إلى الإحسان، وهو عبادته تعالى على المكاشفة والمراقبة فهي له أو هو لها آخر، ثم وصفهم في سياق الرحمة والحكمة والبيان بالعدل بياناً لهم بما دعت إليه سورة الروم من كمال الإحسان في معاملة الحق والخلق اعتقاداً وعملاً فقال :﴿الذين يقيمون الصلاة﴾ أي يجعلونها كأنها قائمة بفعلها بسبب إتقان جميع ما آمر بعد فيها وندب إليه، وتوقفت بوجه عليه، على سبيل التجديد في الأوقات المناسبة لها والاستمرار، ولم يدع إلى التعبير بالوصف كالمقيمين داع ليدل على الرسوخ لأن المحسن هو الراسخ في الدين رسوخاً جعله كأنه يرى المعبود ودخل فيها الحج لأنه لا يعظم البيت في كل يوم خمس رات إلا معظم له بالحج فعلاً او قوة ﴿ويؤتون الزكاة﴾ أي كلها فدخل فيها الصوم لأنه لا يؤدي زكاة الفطر إلا من صامه قوة أو فعلاً.


الصفحة التالية
Icon