على تعسيره فينبئكم بما كنتم تعملون ويحضره لكم وإن كان في أخفى الأماكن ﴿وأسبغ﴾ أي أطال وأوسع وأتم وأفضل عن قدر الحاجة وأكمل ﴿عليكم﴾ أيها المكلفون ﴿نعمه﴾ أي واحدة تليق بالدنيا - في قراءة الجماعة بإسكان العين وتاء تأنيث منصوبة منونة تنوين تعظيم، مشيراً إلى أنها ذات أنواع كثيرة جداً، بما دلت عليه قراءة المدنيين وأبي عمرو وحفص عن عاصم بجعل تاء التأنيث ضميراً له سبحانه مع فتح العين ليكون جمعاً ﴿ظاهرة﴾ وهي ما تشاهدونها متذكرين لها ﴿وباطنة﴾ وهي ما غابت عنكم فلا يحسونها، أو تحسونها وهي خفية عنكم، لا تذكرونها إلا بالتذكير، وكل منكم يعرف ذلك على الإجمال، فاعبدوه لما دعت إليه مجلة لقمان عليه السلام لتكونوا من المحسنين، حذراً من سلب نعمه، وإيجاب نقمه، ويجوز أن تكون الآية دليلاً على قوله تعالى :﴿خلق السماوات بغير عمد ترونها ﴾.
ولما كان التقدير : ومع كون كل منكم أيها الخلق يعرف أن ذلك نعمة منه سبحانه تعالى وحده فمن الناس من أذعن وأناب وسلم لكل ما دعا إليه كتابه الحكيم على لسان رسوله النبي الكريم فكان من الحكماء الحسنين فاهتدى عطف عليه قوله مظهراً موضع ضمير المخاطبين مما يشير إليه النوس :﴿ومن الناس﴾ أي الذين هم أهل للاضطراب، ويمكن أن يكون حالاً من ﴿ألم تروا﴾ ويكون ﴿ألم تروا﴾ دليلاً على أول السورة، أي أشير إلى الآيات حال كونها هدى لمن ذكر والحال أن من الناس من يشتري اللهو، ألم تروا دليلاً على أن من الناس المعاند بعد وضوح الدليل أن الله سخر لكم جميع العالم وأنعم عليكم بما أنعم والحال أن من الناس ﴿من يجادل﴾ فلا لهو أعظم من جداله، ولا كبر مثل كبره، ولا ضلال مثل ضلاله، وأظهر لزيادة التشنيع على هذا المجادل، وإشارة إلى قبح المجادلة من غير نظر إلى النعم فقال تعالى :﴿في الله﴾ المحيط بكل شيء علماً وقدرة.