وليزداد تشوف النفس إلى محط الفائدة ويذهب الوهم كل مذهب لما علم من أن المقصد عظيم بحذف النون وإثبات هذه، وعسرّها بعد أن حقرها بقوله معبراً عن أعظم الخفاء وأتم الإحراز :﴿في صخرة﴾ أي أيّ صخرة كانت ولو أنها أشد الصخور وأقواها وأصغرها وأخفاها.
ولما أخفى وضيق، أظهر ووسع، ورفع وخفض، ليكون أعظم لضياعها لحقارتها فقال :﴿أو في السماوات﴾ أي في أيّ مكان كان منها على سعة أرجائها وتباعد أنحائها، وأعاد " أو " نصاً على إرادة كل منهما على حدته، والجار تأكيداً للمعنى فقال :﴿أو في الأرض﴾ أي كذلك، وهذا كما ترى لا ينفي أن تكون الصخرة فيهما أو في إحداهما، وعبر له بالاسم الأعظم لعلو المقام فقال :﴿يأتِ بها الله﴾ بعظم جلاله، وباهر كبريائه وكماله، بعينها لا يخفى عليه ولا يذهب شيء منها، فيحاسب عليها، ثم علل ذلك من علمه وقدرته بقوله مؤكداً إشارة إلى أن إنكار ذلك لما له من باهر العظمة من دأب النفوس إن لم يصحبها التوفيق :﴿إنّ الله﴾ فأعاد الاسم الأعظم تنبيهاً على استحضار العظمة وتعميماً للحكم ﴿لطيف﴾ أي عظيم المتّ بالوجوه الخفية الدقيقة الغامضة في بلوغه إلى أمر أراده حتى بضد الطريق الموصل فيهما يظهر للخلق ﴿خبير﴾ بالغ العلم بأخفى الأشياء فلا يخفى عليه شيء، ولا يفوته أمر.


الصفحة التالية
Icon