فصل


قال الفخر :
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِى فِى البحر بِنِعْمَتِ الله لِيُرِيَكُمْ مّنْ ءاياته﴾
لما ذكر آية سماوية بقوله :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُولِجُ الليل فِى النهار وَيُولِجُ النهار فِى الليل وَسَخَّرَ الشمس والقمر﴾ [ لقمان : ٢٩ ] وأشار إلى السبب والمسبب ذكر آية أرضية، وأشار إلى السبب والمسبب فقوله :﴿الفلك تَجْرِى﴾ إشارة إلى المسبب وقوله :﴿بِنِعْمَتِ الله﴾ إشارة إلى السبب أي إلى الريح التي هي بأمر الله ﴿لِيُرِيَكُمْ مّنْ ءاياته﴾ يعنى يريكم بإجرائها بنعمته ﴿مّنْ ءاياته﴾ أي بعض آياته، ثم قال تعالى :﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ صبار في الشدة شكور في الرخاء، وذلك لأن المؤمن متذكر عند الشدة والبلاء عند النعم والآلاء فيصبر إذا أصابته نقمة ويشكر إذا أتته نعمة وورد في كلام النبي ﷺ " الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر " إشارة إلى أن التكاليف أفعال وتروك والتروك صبر عن المألوف كما قال عليه الصلاة والسلام " الصوم صبر والأفعال شكر على المعروف ".
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
لما ذكر الله أن في ذلك لآيات ذكر أن الكل معترفون به غير أن البصير يدركه أولا ومن في بصره ضعف لا يدركه أولا، فإذا غشيه موج ووقع في شدة اعترف بأن الكل من الله ودعاه مخلصاً أي يترك كل من عداه وينسى جميع من سواه، فإذا نجاه من تلك الشدة قد بقي على تلك الحالة وهو المراد بقوله :﴿فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ﴾ وقد يعود إلى الشرك وهو المراد بقوله :﴿وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon