وقال أبو السعود :
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِى فِى البحر بِنِعْمَتِ الله ﴾
بإحسانِه في تهيئةِ أسبابِه وهو استشهادٌ آخرُ على باهرِ قُدرتِه وغايةِ حكمتِه وشمولِ إنعامِه. والباءُ إمَّا متعلقةٌ بتجرِي أو بمقدَّرٍ هو حالٌ من فاعلِه أي ملتبسةٌ بنعمتِه تعالى. وقُرىء الفُلُك بضمِّ اللامِ وبنعماتِ الله وعينُ فَعَلات يجوزُ فيه الكسرُ والفتحُ والسكونُ ﴿ لِيُرِيَكُمْ مّنْ ءاياته ﴾ أي بعضَ دلائلِ وحدتِه وعلمهِ وقدُرتِه. وقولُه تعالى :﴿ إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ تعليلٌ لما قبله أيْ إنَّ فيما ذُكر لآياتٍ عظيمةً في ذاتِها كثيرةً في عددِها لكلِّ مَن يُبالغ في الصَّبرِ على المشاقِّ فيتعبُ نفسَه في التفكرِ في الأنفسِ والآفاقِ ويبالغُ في الشُّكرِ على نعمائِه وهما صِفتا المُؤمنِ فكأنَّه قيلَ لكلَّ مؤمنٍ ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ ﴾ أي علاهُم وأحاطَ بهم ﴿ مَّوْجٌ كالظلل ﴾ كما يظل من جبلٍ أو سحابٍ أو غيرِهما. وقُرىء كالظِّلالِ جمْعِ ظُّلةٍ كقُلَّةٍ وقِلالٍ. ﴿ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ لزوالِ ما ينازعُ الفطرةَ من الهَوَى والتَّقليدِ بما دهاهم من الدَّواهي والشَّدائدِ ﴿ فَلَمَّا نجاهم إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ﴾ أي مقيمٌ على القصدِ السويِّ الذي هو التَّوحيدُ أو متوسطٌ في الكُفر لانزجارِه في الجُملةِ ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ ﴾ غدَّارٍ فإنَّه نقصٌ للعهدِ الفطريَّ أو رفضٌ لما كان في البحرِ. والخترُ أشدُّ الغدرِ وأقبحُه. ﴿ كَفُورٍ ﴾ مبالغٌ في كفرانِ نعمِ الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾